مركز الكون
قد يتبادر للذهن سؤال هو هل للكون مركز معين، ولكن الاجابة عليه ببساطة شديدة هي ... ليس هناك مركز للكون لأنه ليس هناك حافة للكون، في كون محدود الفضاء مقوس بحيث انك اذا تمكنت من السفر عبر الكون وأن تجتاز بلايين البلايين من السنوات الضوئية في خط مستقيم سوف تنهي رحلتك من حيث بدأت، ومن المحتمل أيضا أن كوننا هذا لانهائي، في كلا المثالين، تملأ مجموعات المجرات الكون بالكامل وتتحرك على حدة في جميع الاتجاهات تجعل الكون في توسع مهيب ودائم.
فطبقا للنظريات الفلكية، الكون بدأ مع الانفجار العظيم قبل حوالي 14 ألف مليون سنة ومنذ ذلك الوقت وهو في توسع وإزدياد، ورغم ذلك ليس هناك مركز لهذا التوسع، فهو نفسه في كل مكان. ولا يمكنا أن نتخيل الانفجار العظيم كإنفجار عادي كما نعرفه. فالكون لا يتوسع إنطلاقا من مركز معين أو نقطة محددة في السماء، بالأحرى، أن الكون بكامله يتوسع وهو كذلك في أي مكان من السماء.
في الإنفجار التقليدي، تتوسع المادة للخارج بداء من نقطة مركزية. أي بعد لحظات قصيرة من بدأ الإنفجار، والمركز سيكون هو النقطة الأسخن، ولاحقا سيكون هناك غلاف كروي من المادة يتوسع مبتعدا عن المركز حتى تتمكن جاذبية الارض أن تعيده إلى الأرض ثانية. الانفجار العظيم - حسب ما نفهمه - لم يكن إنفجارا مثل هذا مطلقا، لقد كان إنفجارا للفضاء، وليس إنفجارا في الفضاء. فطبقا لمداركنا ونظرياتنا لم يكن هناك فضاء ولا زمن قبل الانفجار العظيم، بل لم يكن هناك "قبل" للكلام عنه. لذا فالانفجار العظيم كان مختلف جدا عن أي إنفجار نعرفه وليس بحاجة إلى أن يكون له نقطة مركزية.
تعتبر رؤيتنا للكون محددة بسرعة الضوء والزمن المحدود منذ الانفجار العظيم. الجزء المرئي كبير جدا، لكن من المحتمل أن يكون صغير جدا بمقارنتة مع الكون بأكمله، الذي قد يكون لانهائي. ليس لدينا طريقة على الاقل الان لمعرفة الشكل الذي هو عليه الكون فيما بعد الأفق المرئي، ولا توجد طريقة لمعرفة ذلك بمعارفنا الحالية.
بالطبع هناك العديد من الأشكال التي من المحتمل أن يتخذها الكون سواء مع مركز محدد أو بدون مركز. إذا بدا أن يكون لديه مركز في بعض المستويات فيما وراء الكون المرئي، مثل هذا المركز قد يكون واحدا فقط من العديد من المراكز على المستوى الأكبر بكثير، كما هو حال بعض مراكز المجرات التي تمتلك أكثر من مركز.
بكلمة أخرى، بالرغم من أن نظرية الانفجار العظيم تصف الكون المتوسع بدون مركز، وهذه متوافق مع كل الملاحظات، فما زال هناك إمكانية بأن هذه الاوصاف أو النماذج ليست دقيقة على المستوى الأكبر من الذي يمكن لنا ملاحظته. فما زال التساؤل عن مركز الكون لاتتوفر له إجابة محدد ومقنعة.